تحقيقي لمجلة ليكسبريس: ديبلوماسيين وضباط مخابرات جزائريين متورطين في محاولة اختطاف المعارض "أمير دي زاد" بفرنسا
كشفت مجلة "ليكسبريس" الفرنسية معطيات مثيرة في قضية اختطاف المعارض الجزائري أمير بوخرص، المعروف بلقب "أمير دي زاد"، تشير إلى تورط مباشر لعناصر من جهاز المخابرات الخارجية الجزائرية في التخطيط والتنفيذ، ضمن عملية وصفتها السلطات القضائية الفرنسية بأنها "ذات طابع إرهابي".
وحسب ما جاء في تحقيق للمجلة المذكورة نشرته أمس السبت واطلعت عليه "الصحيفة" كاملا، فإن النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا المعروفة اختصارا بـ "PNAT"، وجهت يوم الجمعة الأخير، الاتهام لأربعة أشخاص جدد في قضية اختطاف واحتجاز "أمير دي زاد"، وذلك بعد تحقيقات مكثفة باشرتها الشرطة القضائية بالتعاون مع جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي.
وفي هذا السياق، أشار تحقيق "ليكسبريس" نقلا عن المحققين الأمنين الفرنسيين، إلى أن العملية لم تكن عملا فرديا أو جنائيا عاديا، بل كانت عملية منسقة هدفت إلى اختطاف المعارض الجزائري وترحيله قسريا إلى الجزائر مرورا بإسبانيا، حيث يواجه حكما غيابيا بالسجن لمدة 20 عاما صدر ضده في الجزائر عام 2023.
ولفت التحقيق في هذا السياق إلى أن ما حدث مع أمير بوخرص، هو نفس السيناريو الذي كان سيحدث مع المعارض الجزائري الآخر، هشام عبود، الذي تعرض بدوره إلى الاختطاف بعد نزوله بمطار برشلونة، وتم نقله إلى وجهة مجهولة، قبل أن يتم إنقاذه من طرف السلطات الأمنية الإسبانية، وقد أشارت التحقيقات إلى أن مختطفي عبود كانوا ينوون تهريبه إلى الجزائر من إسبانيا على متن قارب.
وفي هذا الإطار، قال تحقيق الصحيفة الفرنسية، إن السلطات الأمنية في باريس، تشتبه في أن النظام الجزائري هو من أمر بتنفيذ عملية الاختطاف التي استهدفت أمير بوخرص، وأوكل مهمة التنفيذ إلى عناصر مأجورة ليس لهم ارتباط أيديولوجي بالقضية، بل تقاضوا مبالغ مالية مقابل المشاركة في العملية.
كما أضاف التحقيق في هذا الصدد، أن من بين الموقوفين الثلاثة الأوائل في قضية اختطاف "أمير دي زاد"، هو موظف قنصلي جزائري يدعى "S.R" كان يعمل في قنصلية الجزائر بكريتاي، الذي يُشتبه في قيامه بتتبع تحركات الضحية والمشاركة في الإعداد الميداني للاختطاف.
كما أن ضابطين آخرين في جهاز المخابرات الجزائرية الخارجية، يشير التحقيق الفرنسي، كانا يعملان تحت غطاء دبلوماسي بالسفارة الجزائرية في باريس، ويُشتبه في لعبهما دورا محوريا في العملية، خاصة ضابط يشار إليه بـ"S.S" الذي قام بعدة عمليات مراقبة لـ"أمير دي زاد" وسحب مبلغ مالي في الليلة ذاتها لتوزيعه على من نفذوا عملية الحراسة، وفق ما جاء في تحقيق "ليكسبريس".
ووفق المصدر نفسه، فإن التحقيقات الأمنية الفرنسية تشير إلى أن "S.S" و"S.R" كانا على تواصل مباشر ليلة تنفيذ العملية، حيث تم التقاط إشارات هواتفهما قرب موقع الحجز، كما ظهرا لاحقا في القنصلية الجزائرية رفقة عنصرين معروفين لدى الشرطة، تم توقيفهما لاحقا وتوجيه التهم إليهما.
ومن المتورطين الآخرين في هذا الملف والذين يدخلون في إطار المخابرات الجزائرية، أشار تحقيق المجلة الفرنسية إلى ضابط ثالث يدعى "H.B"، وهو نائب القنصل الجزائري في كريتاي، ويُشتبه في قيامه بتجنيد موظف في وزارة المالية الفرنسية وآخر في المكتب الفرنسي للهجرة، للحصول على بيانات اللاجئين السياسيين الجزائريين في فرنسا.
وقالت المجلة الفرنسية في هذا السياق، إن التحقيقات الأمنية تشير إلى أن عملية التجنيد التي قام بها الضابط الجزائري المذكور، بدأت بعلاقة شخصية ثم تطورت إلى ابتزاز، بعد تقديم تسهيلات سكنية، ما يُرجح وجود شبكة تجسس منظمة داخل التراب الفرنسي تعمل لحساب الاستخبارات الجزائرية.
كما تشير معطيات أخرى كشفت عنها "ليكسبريس" إلى أن بعض عناصر "الخلية" المتورطة في عملية اختطاف المعارض "أمير دي زاد" لم يتم توقيفهم بعد، وأن من بينهم شخصا سبق أن أدين بجريمة قتل، فيما لا يزال مصير أربعة عناصر على الأقل من منفذي العملية مجهولا حتى الآن.
هذا ولفتت المجلة الفرنسية إلى أن أسئلة عديدة لازالت تحتاج إلى أجوبة في هذا الملف، خاصة فيما يتعلق بمدى تورط النظام الجزائري وعناصره في هذه "العملية الإرهابية" التي يرى القاضي المكلف بالتحقيق في الملف أن الهدف منها (أي عملية الاختطاف) هو توجيه رسالة ترهيب إلى مجمل المعارضين الجزائريين المتواجدين في فرنسا.




